إنها لحظات لن أفردها للحديث حول خطيئة من خطايا الإعلام، فوقتي أثمن من ذلك، ولكنها لحظات لأكتب بقلم الناصح ووفاء المحب وصدق الداعي.
إن ما نلمسه وللأسف من إستسلام الفتاة أمام مغريات الحياة ومستجداتها، الأمر الذي قد يكون الأخذ به له نصيب من التنازل عن شئ في دينها، يجعلنا نتساءل عن دوافع هذا التنازل، وعندما نفتش عن أسباب ذلك، نجد أن الثقافة الإنهزامية لدى العديد من فتيات الأمة باتت تشكل داء عضال يُبرز تلك النماذج الهزيلة التي توحي بضعفها الإيماني وهشاشة القاعدة الدينية عندها، لذا فمن المهم أن نعترف بأن غياب الوعي عمّا يُحاك ضد هذه الأمة وهذا الدين هو نقطة إنتشار ثقافة الإنهزام لدى فتيات الأمة.
فلو أردنا إستحضار نموذجاً على ما ذكرت فلنا في -نور ولميس- حكاية، إنها حكاية الغواية، وكما يقال: شاهد الحال أقوى من شاهد المقال.
وقبل أن أعرض بعض نماذج الغواية في هذه الحكاية التركية أحب أن أدون مكامن الجرح النازف حول هذا الحدث:
= المكمن الأول: أن هذه الحكاية -حكاية الغواية- ليست حكاية مسلسل أو مسلسلين بل هو هاجس الإعلام المدمر.
= المكمن الثاني: أن -حكاية الغواية- حكاية تزّعم نشرها وترويجها والعمل من أجلها في كثير من ميادين الإعلام في فترات مختلفة أناس من أراضي إسلامية الهوية عظيمة التاريخ، وما هذا إلا إكمال لمخطط إضعاف المناعة الدينية الذي يرسم لخط إنحدار ثقافة الوعي الديني عند نساء الأمة ورجالها.
= المكمن الثالث: أن يتزعم نشر هذه الحكاية -حكاية الغواية- وعرضها وإحتكار بثها مسلمون من بني جلدتنا يتكلمون بلسان عربي مبين، قد إنشقوا من بين صفوفنا ليكونوا ناشطين في ميادين حرب الهوية الإسلامية.
[] بعض نماذج للغواية في الحكاية:
1= إباحة العلاقات الجنسية المحرمة ومحاولة إقناع المشاهد بإشراقة مستقبل الفتاة في ظل علاقاتها مهما تكن بداية هذه العلاقات ونوعها.
2= تصوير الحرية بأن تكون الفتاة شخصية تافهة سلبية تقودها أهداف شيطانية أو دونية تحوم حول التفاهات وتشتغل بالدونيات وتسرف على نفسها بالمباحات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «احرص على ما ينفعك وإستعن بالله ولا تعجزن».
3= التعبير عن قوامة الرجل بمبدأ السيطرة الذكورية لتعيش الفتاة في صراع مع الجنس الذكوري أبنا أو أخا أو زوجاً أو حتى أبا، والسعي لجعل المرأة نسخة من الرجل لا تختلف عنه في شئ والله تعالى يقول: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى} [آل عمران:36].
[] بعض أهداف حكاية الغواية:
1= صدّ فتاة الإسلام عن الحق وتكوين شخصيات من فتيات -لا إله إلا الله- شخصيات إسلامية مشلولة لا تقوى أن تسير على الحق وتثبت عليه ولا حتى الدعوة إليه.
2= ظهور الفتاة بمظهر هلامي لا تظهر عليها مظاهر الإنتماء للدين الإسلامي فتكون ضعيفة في همتها ركيكة في شخصيتها لا يكون لها هماً إسلامياً تحمله وتدعو إليه وتسعى لتحقيقه لا هماً إسلامي دعوي ولا هماً إسلامي تربوي ولا حتى إجتماعي ولا إقتصادي.
3= صياغة شخصية الفتاة لتكون شخصية متحررة كما يزعمون وهي في الحقيقة شخصية متمردة على شرع ربها {أفحكم الجاهلية يبغون}؟.
[] وصــــيتي:
1) إن كنت ممن ترجو جنة ربها فلا بد من الصبر ومداومة العمل ومواجهة الباطل وأهله والعمل لله ولدينه بصدق ويقين وتذكري قول الله جل وعلا: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:142]
2) الفتاة المسلمة ذات هوية معينة وشخصية ذات ملامح إسلامية محددة لا يمكن لديانة أخرى أن ترسم لها طريقها إلى ربها، إذ لا ديانة تعرّفك بربك وبحقه عليك سوى الإسلام فإعتزي بدينك ولا تلتفتي إلى مسلسلات الغافلين ولا تصغي إلى كلامهم فهم لا يملكون سوى تصفيف الكلام وتزيينه لتنبهر به النساء المسلمات فتعمى أبصارهن عن الحقيقة المرّة خلف هذا الدعاوى يقول الله جل وعلا: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} [الأنعام:112]، كلامهم ومشاهدهم تحتاج إلى من يكشف عورها.
3) لا تكوني كالاسفنجة تمتص كل ما تلامس كوني متميزة مستقلة، وإحذري من تقليد الثقافات الأخرى المخالفة للشرع الإسلامي، حتى ولو كانت صادرة من بعض أبناء الدين المخالفين لهذا الدين، فالمرجعية لابد أن تكون لمصادر الدين الشرعية وكل من دعا بما فيها إذ لا تحيّز لأصحاب الأفكار، وإحذري التقليد في الملبس والتلقيد في المأكل وأسلوب الحياة أو طريقة الكلام أو حتى الإهتمامات وكما يقال: المغلوب يقلد الغالب.
4) تمسكي بدينك وبمنهج نبيك وأذكرك بوصية نبيك حين قال موصياً بالتمسك بمنهجه وسنته:«عضوا عليها بالنواجذ»، وقال ربك: {خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:63].
5) إياك والهزيمة وأحسني الظن بربك ولا تستسلمي ولا تخافي مكر هؤلاء الناس وتعلمي القوة فلقد أنزل الله لنا ما يسكن خوفنا ويطمئن به نفوسنا فقال: {وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل:127]، ثم قفي عند البشارة فقال: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر:45].
6) لا تغرك المسميات فمنها يبدأ الحرام والتعدي على حقوق الله فالزنا يسمى في ثقافة الإعلام علاقة ما قبل الزواج وإنتكاس الفطرة بالعلاقات المثلية أو الجنس الثالث وهكذا، وهذا أول المكر والكيد الذي ورث منه أصحابه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التي تحب النفوس مسمياتها فسموا الخمر بأم الأفراح وسموا الربا بالمعاملة وسموا أبلغ الكفر -وهو جحد صفات الرب- تنزيهاً، وهذا إنما غرضه التوصل بها إلى ما هو ممنوع منه فيجعلونها سترة وجنة يستترون بها من إرتكاب ما نُهى عنه.
7)إياك وشرك المحبة الذي يهدف لأن يجعل للمرأة في قلبها نداً ينافس محبتها لله وتعظيمها إياه في قلبها، {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة:165].
حفظك ربي ورعاك وثبتك وحماك
الكاتب: بلقيس صالح الغامدي.
المصدر: موقع رسالة المرأة.